الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ عَنِ ابْنِ الأَحْمَسِ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه يَقُولُ ثَلاَثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَثَلاَثَةٌ يَشْنَؤُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْك تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْبَبْت أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ؟ قَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْت ثَلاَثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَثَلاَثَةٌ يَشْنَؤُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَبُو ذَرٍّ قُلْتُهُ وَسَمِعْتُهُ قَالَ قُلْتُ مَنْ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ لَقِيَ فِئَةً أَوْ سَرِيَّةً فَانْكَشَفَ أَصْحَابُهُ فَلَقِيَهُمْ بِنَفْسِهِ وَنَحْرِهِ حَتَّى قُتِلَ أَوْ فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَجُلٌ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فَأَطَالُوا السُّرَى حَتَّى أَعْجَبَهُمْ أَنْ يَمَسُّوا الأَرْضَ فَنَزَلُوا فَتَنَحَّى فَصَلَّى حَتَّى أَيْقَظَ أَصْحَابَهُ لِلرَّحِيلِ وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ جَارُ سُوءٍ فَصَبَرَ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ ظَعْنٌ قَالَ قُلْت هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ فَمَنْ الَّذِينَ يَشْنَؤُهُمْ اللَّهُ قَالَ: التَّاجِرُ الْحَلَّافُ أَوْ الْبَائِعُ الْحَلَّافُ شَكَّ الْجُرَيْرِيُّ وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ مَنْصُورٍ الْبَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ (ح). وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ (ح). وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا عَنْ يَزِيدَ أَبِي الْعَلاَءِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ فَكُنْت أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاهُ فَأَسْأَلُهُ عَنْهُ فَلَقِيتُهُ فَقُلْت لَهُ يَا أَبَا ذَرٍّ بَلَغَنِي عَنْك حَدِيثٌ فَكُنْت أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاك فَأَسْأَلَك عَنْهُ قَالَ: قَدْ لَقِيت فَاسْأَلْ قَالَ: فَقُلْتُ بَلَغَنِي أَنَّك تَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ثَلاَثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَثَلاَثَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: نَعَمْ فَمَا أَخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَى خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم ثَلاَثًا يَقُولُهَا قُلْت مَنْ الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ رَجُل غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُجَاهِدًا مُحْتَسِبًا فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ, وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا وَرَجُلٌ لَهُ جَارٌ يُؤْذِيهِ فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ وَيَحْتَسِبُهُ حَتَّى يَكْفِيَهُ اللَّهُ إيَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ وَرَجُلٌ يَكُونُ مَعَ قَوْمٍ فَيَسِيرُونَ حَتَّى يَشُقَّ عَلَيْهِمْ الْكَرَى وَالنُّعَاسُ فَيَنْزِلُونَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَيَقُومُ إلَى وُضُوئِهِ وَصَلاَتِهِ قُلْت مَنْ الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ؟ قَالَ الْفَخُورُ الْمُخْتَالُ, وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، إنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ وَالْبَيِّعُ الْحَلَّافُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى الْجَارِ السُّوءِ فَوَجَدْنَا مِنْ حَقِّ الْجَارِ عَلَى الْجَارِ إكْرَامُهُ إيَّاهُ فَإِذَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَخَلَطَهُ بِأَذَاهُ إيَّاهُ وَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ الْمُؤْذِي وَاحْتَسَبَهُ كَانَ فِي حُكْمِ مَنْ غَلَبَ عَلَى حَقٍّ لَهُ فَاحْتَسَبَهُ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ أَحَبَّهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ وَالتَّمَسُّكِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَبَيْنَ عَمْرَةَ فِي إسْنَادِهِ سِوَاهُمَا وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ, فَأَدْخَلاَ فِي إسْنَادِهِ بَيْنَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَبَيْنَ عَمْرَةَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. كَمَا حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثني اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. وَوَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَادِ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَفَهْدٌ قَالاَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثَنِيّ اللَّيْثُ قَالَ: ثني ابْنُ الْهَادِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ: وَوَجَدْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَوَجَدْنَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَدْ رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْر الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ الْمُطَّلِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. وَوَجَدْنَاهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, اُخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهِ مَنْ هُوَ؟ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو وَعِنْدَهُ غَنَمٌ لَهُ فَكَانَ يَسْقِينَا لَبَنًا سُخْنًا فَسَقَانَا يَوْمًا لَبَنًا بَارِدًا فَقُلْنَا مَا شَأْنُ اللَّبَنِ بَارِدٌ؟ قَالَ إنِّي تَنَحَّيْتُ مِنْ الْغَنَمِ; لأَنَّ فِيهَا الْكِلاَبَ, وَغُلاَمُهُ يَسْلُخُ شَاةً فَقَالَ: يَا غُلاَمُ إذَا فَرَغْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ عَرَفَهُ مُجَاهِدٌ كَمْ تَذْكُرُ الْيَهُودِيَّ، أَصْلَحَك اللَّهُ؟، قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِي بِالْجَارِ حَتَّى خَشِينَا أَوْ رِبْنَا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ثني أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا زَالَ جَبْرَائِيلُ صلى الله عليه وسلم يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ دَاوُد بْنِ فَرَاهِيجَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْت دَاوُد بْنَ فَرَاهِيجَ قَالَ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُهُ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ ابْنَةِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْت مِنْ بَيْتِي أُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا بِهِ قَائِمٌ وَرَجُلٌ مَعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقْبِلٌ عَلَى صَاحِبِهِ فَظَنَنْت أَنَّ لَهُمَا حَاجَةً فَوَاَللَّهِ لَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْت يَا نَبِيَّ اللهِ لَقَدْ قَامَ بِك الرَّجُلُ حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُهُ؟ قُلْت نَعَمْ قَالَ وَهَلْ تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ لاَ قَالَ: ذَلِكَ جَبْرَائِيلُ صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَا إنَّك لَوْ سَلَّمْت عَلَيْهِ لَرَدَّ عَلَيْك. فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ ظَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ جَبْرَائِيلُ صلى الله عليه وسلم سَيُوَرِّثُ بِهِ الْجَارَ فَوَجَدْنَا النَّاسَ قَدْ كَانُوا فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ يَتَوَارَثُونَ بِالتَّبَنِّي فَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً وَرِثَهُ دُونَ النَّاسِ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَكَمَا تَبَنَّى الأَسْوَدُ الزُّهْرِيُّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو. وَكَمَا تَبَنَّى أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ، تَعَالَى، ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَدَّ اللَّهُ، تَعَالَى، بِذَلِكَ أُمُورَهُمْ إلَى خِلاَفِ الْمَوَارِيثِ مِنْ النُّصْرَةِ وَالرِّفْدَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ الْمِيرَاثُ يَكُونُ بِالتَّبَنِّي وَبِمَا ذَكَرْنَا سِوَاهُ فَكَانَ الْجَارُ قَدْ وُكِّدَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ الْجَارِ مَا هُوَ فَوْقَ ذَلِكَ أَوْ الْحِلْفِ أَوْ مِثْلُهُمَا فَلَمْ يُنْكَرْ أَنْ يَكُونَ كَمَا كَانَ الْمِيرَاثُ يَكُونُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ مِثْلُهُمَا أَوْ بِمَا هُوَ فَوْقَهُمَا فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ قَدْ كَانَ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا قَدْ نَسَخَهُ بِهِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا كَانَ مِنْ جَبْرَائِيلُ عليه السلام مِنْ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحَالِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ ذَلِكَ الظَّنُّ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ثنا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: إلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْك بَابًا. حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ يَعْنِي ابْنَ حَرْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ الأَوْدِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اجْتَمَعَ الدَّاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبْ الَّذِي يَسْبِقُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ فِي مَا قَدْ رَوَيْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجِيرَانَ يَتَبَايَنُونَ فِي الْقُرْبِ مِمَّنْ يُجَاوِرُونَهُ, وَفِي الْبُعْدِ مِنْهُ; لِذِكْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَهُمْ بِالْقُرْبِ مِمَّنْ هُمْ لَهُ جِيرَانٌ, وَأَنَّ لَهُ مِنْ الْجِيرَانِ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ مِنْهُمْ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ نَفَى مَا قَدْ رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِمَّا أَخَذْنَاهُ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً عَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُغَلِّسِ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله قَالَ جِيرَانُ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ وَصِيَّتَهُ لِجِيرَانِهِ: هُمْ الَّذِينَ حَوْلَ دَارِهِ مِمَّنْ لَوْ بَاعَ دَارِهِ وَكَانُوا مَالِكِينَ لِمَا يَسْكُنُونَ مِنْ ذَلِكَ; اسْتَحَقُّوهَا بِالشُّفْعَةِ; لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ قَدْ جَعَلَ بَعْضَهُمْ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُمْ, وَجَمَعَهُمْ بِاسْمِ الْجِوَارِ لَهُ; وَلأَنَّ مَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُوجِبُ تَسَاوِيَهُمْ فِي الْجِوَارِ. وَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْفِي ذَلِكَ وَيُوجِبُ اخْتِلاَفَهُمْ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فِي الْجِوَارِ وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَنْفِي سَبَبًا كَانَ الرَّبِيعُ أَجَازَهُ لَنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِهِ فِي الْوَصَايَا إنَّ أَقْصَى جِيرَانِ الرَّجُلِ الْمُوصِي بِجِيرَانِهِ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُهَا أَرْبَعُونَ دَارًا كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبهَا; لأَنَّ ذَلِكَ قَدْ عَادَ إلَى تَوْقِيتِ مَا لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالتَّوْقِيتُ فَلاَ يَلْزَمُ إِلاَّ بِالتَّوْقِيفِ, وَلَمَّا انْتَفَى هَذَانِ الْقَوْلاَنِ, وَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجِوَارِ مَا هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ مَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رحمهما الله, فَإِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيٌّ قَالَ: سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ كُلُّ مَدِينَةٍ يَتَجَاوَرُ أَهْلُهَا بِالْقَبَائِلِ فَكُلُّ أَهْلِ قَبِيلَةٍ جِيرَانٌ وَكُلُّ أَهْلِ مَدِينَةٍ يَتَجَاوَرُونَ بِالدُّرُوبِ فَكُلُّ أَهْلِ دَرْبٍ جِيرَانٌ وَكُلُّ أَهْلِ مَدِينَةٍ يَتَجَاوَرُونَ بِالْمَسَاجِدِ فَكُلُّ أَهْلِ مَسْجِدٍ جِيرَانٌ فَكَانَ مِمَّا أَخَذْنَا عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ رَأْيِهِ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى الأَقْوَالِ فِيهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ الْمَعَافِرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ فِي الْجِوَارِ بِمَا أَمَرَ بِهِ, وَأَوْجَبَ مِنْ حُقُوقِ بَعْضِ أَهْلِهِ عَلَى بَعْضٍ مَا أَوْجَبَهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي أَبْوَابِنَا هَذِهِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي الْجِيرَانِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُتَمَسِّكًا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي جَارِهِ مَحْمُودًا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ, وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ خَيْرُ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ أَعْنِي مِنْ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْن أَبِي هِلاَلٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِي ص فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَاهُ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ مَعْنًى لاَ يُوجِبُ مَا اخْتَصَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ص وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَهَيَّئُوا أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا لِلسُّجُودِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَلَكِنْ رَأَيْتُكُمْ تَهَيَّأْتُمْ أَوْ تَشَزَّنْتُمْ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا لِلسُّجُودِ فَنَزَلَ وَسَجَدُوا. فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِيهَا عِنْدَ تِلاَوَتِهِ إيَّاهَا فِي الْبَدْءِ ثُمَّ تَلاَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فِيهَا مَعَ سُجُودِهِ فِيهَا فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ مِنْ نَبِيٍّ عِنْدَ تَوْبَةِ اللهِ، تَعَالَى، عَلَيْهِ أَيْ إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ, وَأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ لِمَعْنًى كَانَ إلَى ذَلِكَ النَّبِيِّ دُونَهُمْ. وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَى أَحَدِهِمْ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا لَهُ السُّجُودُ عِنْدَهُ, وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ السُّجُودِ لِلشُّكْرِ كَمَا كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولاَنِهِ فِي ذَلِكَ. وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مِنْ السُّجُودِ مَا هُوَ عَزِيمَةٌ لاَ بُدَّ مِنْ السُّجُودِ, وَأَنَّ مِنْهَا مَا هُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ. فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ هَلْ نَجِدُهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رضوان الله عليهم فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ إنَّ عَزَائِمَ السُّجُودِ أَلَمْ تَنْزِيلُ وَ حم وَالنَّجْمُ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك. وَوَجَدْنَا حُسَيْنَ بْنَ نَصْرٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَهَذَا مِنْ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقُلْهُ اسْتِنْبَاطًا وَلَكِنَّهُ قَدْ قَالَهُ مِمَّا قَدْ عَلِمَهُ بِمَا هُوَ فَوْقَ الاِسْتِنْبَاطِ فَدَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ السُّجُودِ عَزَائِمُ أَنَّ مَعَهَا الْوُجُوبَ, وَأَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا لاَ عَزِيمَةَ مَعَهُ فَتَالِيهِ وَسَامِعُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ السُّجُودِ فِيهِ وَبَيْنَ تَرْكِ ذَلِكَ, وَقَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ, وَأَصْحَابُهُ رحمهم الله يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ السُّجُودُ عِنْدَهُمْ وَهُوَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً مِنْهَا ص وَاجِبَةٌ وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ: إنَّهَا عَزَائِمُ, وَإِنَّهَا إحْدَى عَشَرَ فِيهَا سَجْدَةُ ص وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ جَمِيعًا, وَأَصْحَابُهُمَا رحمهم الله لاَ يَعُدُّونَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ إِلاَّ سَجْدَةً وَاحِدَةً, وَهِيَ الَّتِي فِي أَوَّلِهَا وَكَانَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا حَكَى لَنَا الْمُزَنِيّ عَنْهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهَا أَرْبَعَةَ عَشْرَةَ سَجْدَةً سِوَى ص وَيَجْعَلُ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ سَجْدَةً فِي أَوَّلِهَا وَسَجْدَةً فِي آخِرِهَا. وَمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا ذَكَرْنَا وَ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِمَّا قَدْ شَدَّ ذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ جَمِيعًا فَتَكُونُ عَزَائِمُ السُّجُودِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَلِيٌّ هِيَ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْ الإِتْيَانِ بِهَا وَمَا سِوَاهَا مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ وَيَكُونُ مَنْ سَمِعَهَا أَوْ مَنْ تَلاَهَا لَهُ السُّجُودُ فِيهَا وَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَيْضًا مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ السَّجْدَةِ فِي ص فَقَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَوَامُّ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فَكَانَ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ وَالْعَوَامُّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْعَوَّامِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَجَدَ فِي ص وَقَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ فَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يُقْتَدَى بِهِ, فِي أَنْ يَسْجُدَ فِي مِثْلِ مَا كَانَ مِنْ دَاوُد صلى الله عليه وسلم السُّجُودُ عِنْدَهُ مِنْ الشُّكْرِ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مُوَافَقَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلِيًّا رضي الله عنه فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَجَدَ فِيهَا أَيْضًا. كَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ رضي الله عنه يَسْجُدُ فِي ص. وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مُحْتَمِلاً أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِهِ إلَى الشُّكْرِ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِيمَا كَانَ مِنْهُ إلَى نَبِيِّهِ دَاوُد صلى الله عليه وسلم مِنْ تَوْبَتِهِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ حُكْمُهَا عِنْدَهُ أَنْ لاَ سُجُودَ فِيهَا إِلاَّ لِمَنْ قَصَدَ إلَى السُّجُودِ فِيهَا لِهَذَا الْمَعْنَى, وَيَكُونُ حُكْمُهَا خِلاَفَ حُكْمِ سَائِرِ سُجُودِ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَجَدَهَا كَمَا يَسْجُدُ عِنْدَ تِلاَوَتِهِ سُجُودَ الْقُرْآنِ سِوَاهَا لاَ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ مِنْ هَذَيْنِ الاِحْتِمَالَيْنِ. وَقَدْ وَجَدْنَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِيهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَتَسْجُدُ فِي ص؟ قُلْت لاَ قَالَ: فَاسْجُدْ فِيهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ وَكَانَ هَذَا مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الاِقْتِدَاءَ بِدَاوُد صلى الله عليه وسلم وَالسُّجُودَ فِيهَا لَمَّا سَجَدَهَا دَاوُد صلى الله عليه وسلم لِمِثْلِهِ لاَ لأَنَّهَا تُسْجَدُ لِلتِّلاَوَةِ خَاصَّةً كَمَا يُسْجَدُ غَيْرُهَا مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي الْعُرْيَانِ الْمُجَاشِعِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَذَكَرَ سُجُودَ الْقُرْآنِ فَذَكَرَ مِنْهَا ص. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ جَعَلَهَا كَغَيْرِهَا مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ, وَأَنَّهَا تُسْجَدُ لِتِلاَوَةٍ لاَ لِمَا سِوَاهَا كَمَا يُسْجَدُ غَيْرُهَا. ثُمَّ وَجَدْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ الْقُرْآنِ كَمَا حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَيْسَ ص مِنْ عَزَائِمِ سُجُودِ الْقُرْآنِ وَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهَا فَسَجَدَ فِيهَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ السُّجُودَ بِهِ فِيهَا عِنْدَهُ بِخِلاَفِ السُّجُودِ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْقُطْرُبُلِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَيَأْمُرُ بِتَنْظِيفِهَا. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْفُرَافِصَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَاخْتَلَفَ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فِي مَنْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ عُرْوَةَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنْهُ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَسَاجِدِ أَنْ تُبْنَى فِي الدُّورِ, وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ أَوْ كَمَا قَالَ: وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا بَنَى فِي دَارِهِ مَسْجِدًا وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ حَتَّى صَلُّوا فِيهِ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ, وَأَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ لاَ يَكُونُ مَسْجِدًا, وَلاَ يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ إذَا كَانَ فِي دَارٍ يُغْلَقُ بَابُهَا عَلَيْهِ وَيَحُولُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ فِي حَالٍ مَا وَذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهِ بِحَقِّ مِلْكِهِ لِبَقِيَّةِ الدَّارِ الَّتِي أَحْدَثَهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ, رحمه الله وَأَصْحَابُهُ رحمهم الله. فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ هَذَا الْحَدِيثَ هَلْ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ هَذَا الْمُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا ذَكَرْنَا أَمْ لاَ. فَوَجَدْنَا أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم بِاِتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي فِيهَا الدُّورُ لاَ الدُّورَ الَّتِي تُغْلَقُ عَلَيْهَا الأَبْوَابُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الاِتِّخَاذُ لِتِلْكَ الْمَسَاجِدِ فِي خِلاَلِ الدُّورِ الَّتِي يُبْنَى فِيهَا وَفِي أَفْنِيَتِهَا لاَ دَاخِلَ شَيْءٍ مِنْهَا مِمَّا يُغْلَقُ عَلَيْهِ أَبْوَابُهَا; لأَنَّ مَا جَمَعَ الدُّورُ مِنْ الْمَوَاضِعِ يُسَمَّى بِجُمْلَتِهِ دُورًا إذْ كَانَتْ الدُّورُ لاَ تَتَهَيَّأُ سُكْنَاهَا إِلاَّ بِهِ كَمَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْبَلْدَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا دَارُ الْفَاسِقِينَ بِدَارِ الْفَاسِقِينَ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ وَفِيهَا الطُّرُقَاتُ وَمَا سِوَاهَا مِمَّا لاَ يَكُونُ الْبُلْدَانُ إِلاَّ بِهِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي الْوَعِيدِ لِقَوْمِ نَبِيِّهِ صَالِحٍ صلى الله عليه وسلم تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ الصَّيْحَةَ فِيمَنْ ذَكَرَهَا فِيهِ: وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ فَذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ مَوَاضِعَهُمْ بِالدِّيَارِ وَذَكَرَ أَنَّهَا دَارٌ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْبَلَدَ قَدْ تُسَمَّى دَارًا, وَأَنَّهَا قَدْ تُسَمَّى دُورًا. وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى. كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ عَبْدَةَ قَالُوا ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالاَ ثنا الْقَعْنَبِيُّ قَالاَ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ. وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلاَ أُخْبِرُكُمْ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَتْ هَذِهِ الدُّورُ هِيَ الدُّورَ الْجَامِعَةَ لأَهْلِهَا الْمَذْكُورِينَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كُلُّ دَارٍ مِنْهَا دَارٌ لأَهْلِهَا, وَلَهُمْ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِمَّا يُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لاَ يَسَعُهُمْ دَارٌ وَاحِدَةٌ كَدُورِنَا هَذِهِ, وَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْمَحَلَّةُ تَجْمَعُ الدُّورَ الَّتِي يَسْكُنُونَهَا فَذِكْرُ ذَلِكَ بِالدَّارِ الَّتِي تَجْمَعُ الأَفْنِيَةَ وَالطُّرُقَاتِ وَمَا هُوَ مَعْقُولٌ مِمَّا يَكُونُ بَيْنَ الدُّورِ الَّتِي يَنْفَرِدُ كُلُّ رَجُلٍ بِسُكْنَى دَارٍ مِنْهَا وَيُجْمَعُ بِأَنْ يُقَالَ لِجُمْلَتِهَا دَارٌ وَدُورٌ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا وَتَكُونَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي أَمَرَ بِاِتِّخَاذِهَا فِيهَا خِلاَلَهَا لاَ فِي أَحْوَالِهَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَجْوَافِهَا وَتَكُونَ تِلْكَ الْمَسَاجِدُ هِيَ الَّتِي يَتَّخِذُهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِهِمْ لِيُصَلُّوا فِيهَا لاَ لِيُدْخِلُوا إلَيْهَا أَحَدًا مِنْ النَّاسِ فَأَمْلاَكُهُمْ غَيْرُ مُرْتَفِعَةٍ عَنْهَا عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلاَ يَكُونُ وُقُوعُ اسْمِ الْمَسَاجِدِ عَلَيْهَا مِمَّا يَرْفَعُ أَمْلاَكَهُمْ عَنْهَا وَلاَ مِمَّا يُبِيحُ لِغَيْرِهِمْ الدُّخُولَ إلَيْهَا وَلاَ مِمَّا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ مَوْرُوثَةً عَنْهُمْ إذَا تُوُفُّوا. وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِبَعْضِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى بَعْضٍ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|